- مها الفالح
الترجمة الكاذبة: ذلك القناع الخفي

في عـــام 1760م، نشر الشاعر الإسكندنافي جيمس ماكفرسون (James M. McPherson) ترجمته للقصائد الأوسيانية (Ossianic Poems) لشاعر يدعى أوسيان (Ossian) في كتابه (مقاطع من الشعر القديم) مترجمة من اللغة القالية. ولاقت القصائد صدى واسعًا كانت سببًا في شهرته وارتفاع قيمته الأدبية، مما جعله يترجم المزيد من القصائد ويصدر ديوانين آخرين لنفس الشاعر.
ولكن في الواقع لم تكن قصائدَ مترجمة، بل كانت من تأليفه هو!
كان جيمس يلبس قناع المترجم، ليحيك قصائد مكذوبة ما كانت لتنجح لو لم تكن “مترجمة”، فقد كتب في صباه قصائد لم تلق أي اهتمام. ثم بدأ بجمع المخطوطات والقصائد المتداولة، واعتمد عليها في كتابة قصائده الأوسيانية “المترجمة” التي تعود إلى ما قبل القرن العاشر! وثبت في القرن التاسع عشر أن تلك القصائد في الحقيقة لم تكن سوى أعماله!
السؤال هو: لماذا قام بذلك؟ أو لماذا يلجأ أي مؤلف إلى لبس قناع المترجم الكاذب؟
مفهوم الترجمة الكاذبة مفهوم مثير للاهتمام، قد يلجأ الكاتب أو المؤلف إليه خوفا من المجتمع أو خوفا من الفشل! أو حتى لإثارة الشكوك والبلبلة حول بعض الأفكار والمعتقدات.
أقرب مثال إلى ذلك رواية “عزازيل” لـ يوسف زيدان. فقد بدأ حبكتها بمقدمة تقول إن الرواية هي ترجمةٌ لمجموعة لفائف مكتوبة باللغة السريانية دفنت في صندوق خشبي محكم الإغلاق في منطقة الخرائب الأثرية قرب مدينة حلب في سوريا، وإنها كُتبت في القرن الخامس الميلادي، وعُثر عليها في حالة جيدة ونادرة، وقد نُقلت من اللغة السريانية إلي العربية. وبحسب رأي النقاد، فقد أثارت جدلا واسعا؛ نظرا لأنها تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة، واضطهاد المسيحيين للوثنيين المصريين في زمنٍ أضحت فيه المسيحية ديانة الأغلبية المصرية. هنا ندعو للتساؤل: هل لبس يوسف زيدان قناع المترجم؟ أو على الأقل، ما صحة ما ورد في تلك الرواية من أحداث أو نصوص؟ وهل كان يسعى إلى إحداث بلبلة أو لفت الانتباه؟ وهذا الذي حدث بالفعل! فقد فازت الرواية بجائزة أفضل رواية عربية عام 2009 وتهافت الناس على شرائها!
ما رأيكم في الترجمة الكاذبة؟ وهل هو فعل مُسوغ لتحقيق أهداف أو رسالة اجتماعية؟
لكم التعليق ...
___________________________________________________________
المصــادر:
Routledge Encyclopedia of Translation Studies: Pseudotranslation
عزازيل - ليوسف زيدان