- بشاير الزهراني
انعكاس الأدب في مرآة الترجمة

كيف ينتقل الأدب عبر اللغات؟ وكيف يصل للقرّاء ليتفاعلوا معه بحدّة وصدق مثلما لو كان في لغتهم الأم؟ هذا التساؤل يرشدنا للنظر بدايةً في ماهية الأدب، أليس الأدب كما قيل: "ذاكرة الشعوب"؟ جامعُ آلامهم وأتراحهم ومخاوفهم، ونديم لياليهم ووحدتهم؟
ينظر الأدب لحياة الناس من نافذة الشعور، يرى في الوقائع حياة من عاشوها، لا يُعنى بالانتصارات السياسية ولا الهزائم التاريخية، لكنه يهتمّ بحياة الذي تقاطعت حيواتهم مع ذلك الانتصار أو تلك الهزيمة. هذه العبارة لكارل ماركس "أنا إنسان، لا شيء إنس
انيًا غريبٌ عني" يمكننا إسقاطها على الأدب وقرائه، فربما لذات السبب يفهم القراء الأدب في ترجمته، ويصلهم شعوره، ويفهمون الإنسان أيًا كانت لغته، يشعرون به حال الحبّ وحال الخوف، ويتواصلون مع آلامه بأرواحهم التي خبرَت ذلك الألم. قد يتفلّت من عملية الترجمة والانتقال بين اللغات أشياء تخصّ شكل النص، بنيته وإيقاعه، وربما لو كان العمل المترجم غير الأدب ما كنّا لنفهمه لو لم يصلنا بالشّكل الذي كُتب به، ولكن الأدب أحيانا يغفر تجاوزات الترجمة، يتغاضى عن وعورتها وينتقل بسلاسة عبر عمق الإنسان وروحه، عبر الشعور الذي به يتوحّد الإنسان وفيه يتشارك.