top of page
  • رناد الجديد

أنا مترجم .. لست قاموسًا!


أن تكون مترجمًا يعني أن تكون في اختبارٍ دائم، فقد يفاجئك أيُّ شخصٍ في أية لحظة في أي مكان بسؤاله عن معنى كلمة، وويلٌ لك الويل إن لم تعرف. حينئذٍ، كن مستعدًا لما سيأتيك من وابل التعليقات والسخرية، ولا ننسى التهكُّم الأشهر: "كيف مترجم ولا تعرف معناها"؟

ببساطة هم يعتقدون أنه -كمترجم- ينبغي عليك معرفة معاني كل الكلمات في هذا العالم ..

هذا على اعتبار أن جل ما نفعله حفظُ كلماتٍ ومعانيها، إلى أن نصبح قواميسَ تمشي على قدمين، وليس هناك أي اعتبار لديهم لكون الترجمة فنًّا وعلمًا ودراسة، لا مجرد حفظِ كلماتٍ ومعانٍ ..

صحيحٌ أن هذا أحد أهم أساسات وركائز الترجمة، ولكنّها ليست كل شيء، فحفظ الكلمات وما يقابلها بلغة أخرى لا يصنع منك مترجمًا!

وليس الفخر للمترجم حفظه للقواميس، بل مهاراته في التعامل مع النصوص وفهمه لها ثم حُسْن الصياغة. أما القاموس فما هو إلا أداةٌ من أدوات المترجم، تماما كأي مهنة أخرى يحتاج مُمتَهنها إلى أدوات. فعلى سبيل المثال، لا يمكنك أن تطلب من الطبيب تشخصيك بمجرد النظر إليك، بل لابد له من استخدام أدواته كالسماعات والأجهزة ..

ولكن، هل امتلاكك لأدوات الطبيب يجعل منك طبيبا؟

بالطبع لا!

الأمر سيان بالنسبة للقواميس .. فامتلاكك لها لا يجعلك مترجمًا ..

والمترجم الذي يريدونه قاموسا .. هو في الحقيقة في رتبة أعلى وأسمى بكثير من القواميس. فالقاموس ما هو الا مسرد للكلمة وما يقابلها، بينما المترجم عقلٌ ذكيٌّ بارع، ينظر إلى السياق ويختار المعنى الأكثر مناسبة، وقد يأتي بمقابل جديد لما ليس له مقابل، وقد يبتكر اسمًا لما لا اسم له، وقد يأتي بألفاظ بديلة أبلغ من المرادفات المباشرة، ومحالٌ للقاموس الإتيان بذلك ..


لذا .. إن واجهك ذات الموقف مرةً أخرى .. فقلها بشجاعةٍ ودون خجل:

أنا مترجم .. ولست قاموسًا! ..


٦٤٧ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page