top of page
  • رناد الجديد

ولا تنسَ نصيبك من العربية


أن تولد بجنسيةٍ عربية وفي بلدٍ عربي، لا يعني أنك رضعت اللغة العربية في الحليب أو اكتسبتها من أهل البادية وأنت صغير! وكونك متحدثًا أصليًا للغة العربية لا يعني أبدًا إتقانك لها. فهناك فرقٌ شاسع بين اللغة العربية التي نتحدث بها وبين اللغة العربية الفصحى التي نقرأها ونكتبها في الصحف والكتب ومختلف العلوم.

وحقٌّ على كل مسلم وكل عربي إتقان لغته الأم إتقانًا تامًّا، انطلاقًا من مسؤوليته تجاه دينه وعروبته. وأزيد حقًّا ثالثا على المترجم، وذلك انطلاقًا من مسؤوليته تجاه مهنته. فالمترجم ناقلٌ بين لغتين، وهو أهم صُنّاع المحتوى العربي، والأسى كل الأسى، حين يكون صانع المحتوى ذا أسلوبٍ ركيك، وصياغة ضعيفة، وألفاظٍ دخيلة، مُخرِجًا بذلك محتوىً بائسًا مُثقلًا بالأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية والصرفية وغيرها مما تمقت أعين القُرّاء!

لا بد وأنك تقول في نفسك الآن: أعرف ما ستقولين ..

ولكن انتظر ياصديقي المترجم ولا تتسرع، فلن أنصحك بدراسة كتب النحو وأملي عليك أسماءها، ولن أقترح عليك حضور دروس للُّغة العربية، ليقيني بأنك تعرف هذه النصائح جيدًا. لذا فإن نصيحتي من نوعٍ آخر، وأهم بند فيها أنه ليس عليك أبدًا تخصيص بضع ساعات في الأسبوع لتطوير لغتك العربية، بل نصيحتي إليك:

أن تُغرق نفسك فيها إغراقًا كاملًا! في كل يوم وفي كل لحظة وفي كل مكان!

وما أجمل الغرق في بحرٍ كالعربية .. بحرٌ "في أحشائه الدرّ كامنٌ" ..

وفي رحلتك للغوص في أعماقها واستكشاف صدفاتها و لآلئها، إليك ثلاث وصايا علها تكون زادك ومتاعك في هذه الرحلة:

  • اقرأ

  • اقرأ

  • اقرأ

اقرأ القرآن أولًا، الكتاب العظيم الكامل المتكامل، دستور ومنهج حياة المسلم، الرفيق المؤنس، غذاء الروح والنفس، مصدر البركة والتوفيق، وفوق كل هذا، أفضل معلم ومهذب للغتك وأسلوبك وفكرك. وبالمداومة على قراءته وحفظه بتمعن، ستجد فرقًا كبيرًا في لغتك، فلغة القرآن تُقوِّم اللسان وتُثري المعاني وتُصوَّب السليقة وتُكسب الألفاظ البليغةَ الجَزِلة.

اقرأ الشعر ثانيًا، أجمل وأرق أنواع الأدب، فهو يرهف الحسَّ الأدبي، ويُجمِّل اللغة، ويوسع آفاق الخيال، وينمي الموسيقى اللفظية. والشعر بحور، من عصورٍ عديدة و بأوزانٍ مختلفة ومواضيعَ متنوعة، لذا فلا بد أنك ستجد من بينها ما يناسب ذائقتك.

ثالثًا، اقرأ كل ما تقع عليه يدك من كتب ومقالات وأبحاث في الأدب والطب والعلوم والقانون والسياسة والاقتصاد والفضاء وغيرها من المجالات المختلفة بحسب ما يثير اهتمامك ويوافق مجال ترجماتك. فهذا سيغذي حصيلتك اللغوية ويكسبك خبرة في أسلوب الكتابة المُتَّبع في كل مجال.

ختامًا، إن انغمارك في هذه القراءات لن يكون له أثر إيجابي على ترجمتك وصياغتك فحسب، بل أؤكد لك أيضًا، أنك ستقع في حب هذه اللغة العظيمة، وحين تحبها ستكون لك أفضل مُعين وأوفى صديق، وستُطوَّع نفسها من أجلك حين تتحدث .. وحين تكتب .. وحين تترجم.



٢٦١ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page