top of page
  • روان بدر

الترجمة الدينية.. المشي بين الألغام


قد يكون أكبر مخاوفنا عندما نترجم هو أن ننتج ترجمة ركيكة، أو أن تنالنا الانتقادات، أو أن لا نحصل على التقدير الذي نستحقه. لكن الترجمة قد تصبح  أكثر خطرا من ذلك عندما يتعلق الأمر بالنصوص والرموز المقدسة.  ففي الترجمة الدينية  أي خطأ يقع بقصد أو بغير قصد ستكون له عواقب. هذه العواقب التي تتراوح بين الغضب أو النبذ الذي سيتعرض له المترجم وتصل إلى السجن أو القتل ،و في الحالات القصوى نبش عظامك من قبرها لتحرق وتنثر في النهر كما حدث لجون ويكليف المفكر الانجليزي الذي ترجم اسفار العهد الجديد إلى الانجليزية  والذي مات قبل أن يمثل أمام البابا لينال جزاءه.

لا تكمن مخاطر ترجمة النص الديني فقط في كون النص الديني يحمل دلالات وايحاءات لغوية وتاريخية يصعب نقلها إلى اللغة المستهدفة من دون المغامرة بتأويله بشكل خاطئ، بل في كونه نصا مقدسا ذا قيمة ومكانه عند من يؤمنون به. مما يعني أن على المترجم ان يتعامل معه بحساسية بعيدا عن إعتقاده. لان أي "تعدي" على هذه المقدسات قد يعتبر إهانه تستحق العقاب. كما أن المواضيع ذات الخلفية الدينية  من الصعب أن ينظر لها بموضوعية وغالبا ما تثير العواطف وردود الافعال .ويعامل فيها المترجم على أنه مسؤول عن الرسالة التي ينقلها لا أنه مجرد "ناقل".

نهاية جون ويكليف ليست حادثة فريدة في تاريخ الترجمة، يان هوس الذي وزع الإنجيل باللغة التشيكية القي في النار.  جاكوب فان ليزفيلدت أول من ترجم الإنجيل للغة الهولندية حكم علية بالإعدام. المفكر الفرنسي إتيان دوليه الذي ترجم حوار افلاطون ونصوص اخرى اعتبرت مخالفة لفكرة الخلود اتهم بالإلحاد وحكم عليه بالتعذيب والقتل. أحمد زلماي ومشتاق أحمد اللذان ترجما القرآن للغة الدرية من دون تضمين النص العربي في الطبعة حكم عليهما بالسجن لمدة عشر سنوات... وغيرهم من المترجمين الذين كان مصيرهم المأساوي إثبات على أن الشروع في هذا النوع من الترجمة يشبه الدخول إلى حقل الالغام.  


١٥٥ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page