- فاطمة عبدالله الغـفيلي
!معتقدات خاطئة عن الترجمة

في تخصص الترجمة بلغاته جميعها، نجد الكثير من النظريات والقضايا والآراء المختلفة والمتضادة، وبالطبع هناك بعض المعتقدات أو المفاهيم الخاطئة عن هذا التخصص عند بعض الطلاب أو الأشخاص في المجالات والتخصصات المختلفة، فالجميع يطلق الحُـكم على مجالٍ لم يسبق لهم تجربته أو دراسته أو حتى البحث عنه!
وأود أن أذكر بعضًا من المفاهيم الخاطئة والشائعة التي سبق أن واجهتني شخصيًا من بعض الزملاء أو الأقرباء في المجالات المجاورة:
"ليس من الضروري أن تكون مُلمًا باللغة الإنجليزية، فإن تخصصت في الترجمة، ستبدأ هذا التخصص بتعلم اللغة الإنجليزية من الألف إلى الياء، ثم ستُدرس وتُدرب على الترجمة وقواعدها وتقنياتها إلخ.."
هذا الاعتقاد شائع مع الأسف لكنه خاطئ مئة بالمئة، ولا ننكر أبدًا أن لغتك الإنجليزية ستُطور كثيرًا أثناء سنوات دراستك واندماجك وتعاملك مع الترجمة إذْ سوف تُدرس مقرراتٍ تتحدث عن قواعد اللغة التي تُعد جانبًا رئيسيًا في الترجمة، ولكن يجب أن تضع بالحسبان قبل دخولك هذا التخصص أن تكون لغتك جيدة وإن كانت شبه جيدة فيجب عليك حينئذٍ أن تكرس بعض الوقت لتطويرها، فهي أكبر داعم أساسي لك في مجال الترجمة.
"كونك مُترجمًا يعني أنك تستطيع مواجهة أي نوع من النصوص، أو أي جملة أو كلمة، وإن عجزت عن ترجمتها ترجمةً جيدةً فهذا بالتأكيد يعني أنك مترجم فاشل!"
وهذا المفهوم أيضًا شائع، ومن وجهة نظري أنه ليس من الضروري على كل مترجم أن يتقن ويجيد التعامل مع المجالات المختلفة جميعها كترجمة الطب والقانون والهندسة والسياسة وغيرها، فبإمكانك التفرد والتخصص بمجال محدد تشعر أنك تميل إليه وتجيده وتتقنهُ أيضًا.
بالإضافة إلى أنه ليس من السهل التعامل مع لغةٍ غير لغتك الأم، خاصةً أن اللغات في عصرنا الحديث تضُاف إليها كلمات جديدة ومُستحدثة استحداثًا شبه يومي في شتى المجالات الحياتية!
"أن الترجمة تخصصٌ سطحي، فهي عملية ترجمة حرفية فقط تؤدي ذات الغرض الذي تقوم به مواقع الترجمة المخصصة لمحركات البحث .."
عملية الترجمة لا تقتصر على مسار واحد، بل لها أنواع متعددة وكثيرة لا يمكن حصرها، ومنها: الترجمة الحرفية والسمعْبصرية والفورية والتحريرية والشفوية والتتبعية والتلخيصية والتعريبية والإبداعية والترجمة بتصرف، حتى إنه يوجد ترجمات ضمن لغة واحدة مثل تفسير القرآن الكريم، والترجمة ضمن لغتين وهذا هو النوع المتعارف عليه بالطبع!
"أن الترجمة لا تحتاج دراسة، فقط عليك تعلم لغة أخرى غير لغتك الأم وستصبح مترجمًا معتمدًا!"
المسألة ليست بهذه البساطة، فكونك مترجمًا لا يعني إجادتك التحدث بلغتين فقط، حيث إنّ كثيرًا من ثنائيي اللغة لا يجيدون عملية الترجمة باحتراف وإتقان لأنه مجال يتطلب دراسةً وتدريبًا وتطبيقًا، بل يجب عليك معرفة قواعد اللغتين اللتين تتعامل معهما. أيضًا يجب عليك نقل المعنى بدقّة، ويتطلب منك أن تكون مُلمًا بحضارة كلا اللغتين وثقافتهما، بالإضافة إلى أنه يجب عليك التعامل مع المشكلات التي قد تواجهك أثناء عملية الترجمة والمقدرة على حلها باحتراف.
في نهاية المطاف، الجميع لديه معتقداته ومفاهيمه الخاصة به، فالتحدث عن مجالات أو تخصصات لم يسبق لك دراستها أو حتى تجربتها قد يؤثر تأثيرًا سلبيًا في اختيارات غيرك من المبتدئين.
لا مانع من الاستفادة من تجارب الآخرين إذا شعرت أنها قد تساعدك وتُحفزك، ولكن احرص على انتقاء التجارب. والتعلم والتجربة بنفسك هو الخيار الأهم والأفضل لأننا بطبيعة الحال نختلف ونتفاوت في قدراتنا عمومًا، ذلك أن الأقاويل التي نسمعها عن المجالات قد تكون خاطئة في أغلب الأحيان.
وهذه طبيعة البشر في وقتنا الحالي: إطلاق الأراء والتحدث والحُكم على الشيء دون دراسة الموضوع بصورته الكاملة والحقيقية!
"عندما أتعب من التأليف أتجه إلى الترجمة.. أي عندما لا أقوى على الوقوف على قدمي فأنا أتوكأ على أفكار الآخرين."
― أنيس منصور، شيء من الفكر