- آلاء باهبري
ست حقائق قد لا تعرفها عن الترجمة الفورية في الإعلام

قد تكون سبباَ في إفساد علاقات الدول!
تعد مهنة الترجمة الفورية من المهن الحساسة جداً، وذلك لأنها غالبا ترتبط بالأحداث السياسية الكبرى، والعلاقات بين الدول، ولأجل ذلك فإن الخطأ فيها مكلف جداً، ليس على المستوى الشخصي فحسب، بل حتى على المستوى الوطني والدولي. ففي عام 2012 مثلاً استدعي الإيراني القائم بالأعمال في البحرين بسبب خطأ من المترجم الفوري في التلفزيون فقد استبدل بـ"سورية" كلمة "البحرين" حين كان يترجم خطاباً للرئيس مرسي يندد فيه بأعمال الدولة الوحشية! وفي عام 2014 أصدرت سفارة مفوضية الاتحاد الأوروبى فى القاهرة بيانا يتضمن نص تصريحات كاترين أشتون، الممثل الأعلى للشئون السياسية والخارجية للاتحاد الأوروبى، معتذرة عن الأخطاء «غير المقصودة» التى وردت فى الترجمة الفورية والمنقولة عبر وسائل الإعلام.
لذا كن حريصاً وحذراً جداً إذا ترجمت فورياً للإعلام.
لا تستطيع البدء في الترجمة الفورية قبل أن تمارس الترجمة الإعلامية التحريرية
تعد الترجمة الفورية أشد أنواع الترجمة الإعلامية تطرفاً. فإذا كان المترجم الإعلامي يحتاج إلى مهارات متعددة من سرعة وتحدٍ للوقت، وفهم للسياق الاجتماعي والسياسي والثقافي، ومعرفة المصطلحات الإعلامية، فإنه يحتاج أن يكون متمكناً منها تمكنا كبيرا، فالثواني هنا ترف_يحتاج المترجم الفوري أحياناً إلى ثوانٍ ليرتب ترجمته فيسأل أو يطلب الإبطاء من أجل كسبها، و الخطأ غير قابل للإصلاح، فإن خرجت الكلمة من فمه فلن تعود! وقبل هذا كله تحتاج أن تكون متمكناً تمكناً عالياً من الترجمة عموما، لأنك ستعتمد على ذهنك، وذهنك فقط، وليس بالإمكان التحقق من معنىً أو الرجوع إلى القاموس. لذا فإن هذه المهارات لن تتحصل إلا بعد ممارسة كبيرة من الترجمة الإعلامية التحريرية، وفي الواقع تُكتشف قدرات المترجمين الفوريين بعد التعرف على كفاءتهم في الترجمة التحريرية.
أهم مهارة تحتاجها هي مهارة النجاح الشخصي العامة
والمقصود بمهارات النجاح الشخصي هو قدرتك على حل المشكلات إن واجهتك، وإدارة الأزمات التي من المتوقع أن تتعرض لها، وتحتاج كذلك إلى قدرة عالية على التحمل والصبر ساعات طويلة وأنت تترجم حتى مع التعب. كذلك تحتاج لقدرة عالية على إدارة مشاعرك السلبية والإحباط الذي قد يواجهك جراء موقف لا ترتضيه أو رأي لا يعجبك. كذلك تحتاج إلى مهاراتِ تواصلٍ عالية تمكنك من فهم الشخص الذي تترجم له، و ماذا يريد أن يقول بنبرة صوته ولغة جسده، فأنت لا تتعامل مع ورق بل مع أشخاص.
تتفاوت اللغات صعوبةً في الترجمة الفورية
إن كان من اليسير إدارة بعض اللغات الصعبة في الترجمة الإعلامية التحريرية، فإن إدارتها في الترجمة الإعلامية الفورية أكثر صعوبة. فماذا تفعل مع اللغات التي تختم الجملة بالفعل - كالتركية والألمانية - التي تحتاج فيها إلى أن يستكمل المتحدث كلامه لتقوم بعد ذلك بالترجمة، وماذا لو غفلت عن أولها لانتظار آخرها. لذا فإن وسائل الإعلام تختار لهذه اللغات أكفأ المترجمين.
حتى علماء المخ والأعصاب يتعجبون من عمل المترجم الفوري
حاول العلماء منذ أمدٍ بعيد معرفة ما يدور في داخل الدماغ عند التحدث والكلام، وقد استكشفوا هذا الحقل استكشافا واسعا، إلا أن دماغ المترجم الفوري يعد تحديا حقيقيا لهم. فقد اكتشفوا في دراستهم أجزاء أخرى نشطة غير تلك المتعلقة باللغات، فقد أثارت منطقة (caudate nucleus) اهتمامهم كثيرا، إذْ أنها المنطقة المتعلقة باتخاذ القرار والثقة، وهي تشبه قائد الاوركسترا الذي يدير عمليات الدماغ إدارة كاملة، مما يشير إلى تعدد المهام التي يقوم بها المترجم "دماغيا".
قد يُستغنى عن البشر في الترجمة الإعلامية الفورية في المستقبل
تعتمد عدة شركات على تطوير تقنياتٍ وأجهزةٍ للترجمة الفورية بوجه عام، فشركة سكايب مثلا طورت خدمة الاتصال المرئي بترجمة فورية ابتدأتها عام 2014 وأطلقتها عام 2015 وهي خدمة تتيح الترجمة الفورية بين مستخدميها بأربعين لغة، وتبعتها شركات متعددة تقدم سماعات للترجمة الفورية بأسعار قابلة للشراء الشخصي، وخدمات عبر تطبيقات موجودة أصلا مثل قوقل ترانسليتر. وقد أشار عدد من العلماء إلى أن الترجمة الفورية الإلكترونية تزيد في كفاءتها على الترجمة الفورية "البشرية" التي تعج بالأخطاء.
هذا التطور في خدمات الترجمة الفورية كتطبيقات ومنتجات وخدمات يعطي مؤشراً واتجاهاً لوضع المترجم الفوري في الإعلام الذي بدأت الأجهزة تأخذ مكانه، والمتوقع أن يحدث سريعاً وقريباً. وعلى أن مثل هذا التوجه قد يبدو صادماً، وبعيداً، إلا أن هذه الصدمة قد أحس بها "الناسخ" الذي أخذت آلات الطباعة مكانه، مع تفوق الآلة - التي لا تخطئ ولا تتعب - على البشر الضعفاء، وحفظها لوسائل الإعلام أموالها.