- آلاء باهبري
ترجمة الكاركتير .. أهمية أن تكون متناقضاً
تأخذ المواد الفكاهية يوماً بعد يوم مساحة أوسع في الإعلام، حيث انتشرت المواد الدرامية الكوميدية، والكاركتيرات، والكوميك الفكاهي، والبرامج التلفزيونية الفكاهية، والإعلانات المرحة. لذا فإن المختصين أصبحوا يولون "الإعلام الفكاهي" وترجمته اهتماماً أكبر، نظراً لتميزه بخصائص مختلفة.
يتحدث الباحثون في الترجمة عن الكاركتير باعتباره مادة "مقاومة" لها. وليس هذا فقط بسبب صعوبة ترجمتها اللغوية، بل لتعلقها بدايةً بسياق ثقافي محدد وخاص، وصورة رمزية قد تنقل معانيَ تهدف منها إلى "مضادة" اللفظ الذي قد يكون منطقياً جداً. كما أن الكاركتير، أحياناً، يَستخدم ألفاظاً لها أكثر من دلالة في تلك اللغة، أو ذات معنى محدد وخاص بها.
ما هو المضحك في الكاركتير؟
هناك العديد من النظريات التي تتعلق بالفكاهة، وأشهرها نظرية التوافق التي طورها McGraw و Veatch و Raskin، التي تشير إلى أن الفكاهة - بوجه عام - هي الدهشة التي تنتج عن تصادمٍ أو تناقضٍ للواقع، لكن دون أضرار، وبنتائج حميدة. هذه الفكرة تستخدم استخداما محددا في الكاركتير، إذْ يعتمد على أن يكون هناك تناقض بين الرسالة اللفظية ودلالاتها والرسالة المرسومة في وقت واحد من أجل الإضحاك وإثارة الفكاهة. لذا فإننا نستطيع القول أن الكاركتير هو فن إبراز التناقض بأي شكل كان.
التناقض اللغوي
من المتفق عليه أنه كلما كان التناقض اللغوي أكبر، كانت الفكاهة أكثر. لكن من أين نحدث تناقضاً لغوياً في الترجمة؟
هناك العديد من الطرق التي بإمكاننا أن نحدث بها تناقضاً لغوياً، فمن الممكن، من جهة، استخدام ألفاظ لها أكثر من دلالة لغوية تناقض سياق الموضوع أو الخبر الذي يتحدث عنه الكاركتير. ومن جهة أخرى، من الممكن أن نجعل الرسالة منطقية جداً، لكن التناقض يكون بينها وبين الصورة المرسومة. وكلا الطريقتين تستدعيان الابتعاد التام عن الترجمة الحرفية، لأن الكاركتير لن يكون مضحكاً، بل لن يفهم إذا نُقل الكلام حرفياً.
كيف يبرز التناقض السياق الاجتماعي والثقافي؟
يرتبط الكاركتير بخلفية معينة ومحددة لدى المتلقي يحاول الكاركتير السخرية منها. غالباً لن يكون لدى المتلقي في اللغة الأخرى كامل هذه الخلفية، فربما يعرف الشيء القليل عن الحدث أو السياق. و الحل - خصوصاً إذا كان الموضوع المرسوم عنه بعيداً عن اللغة المترجم إليها - أن تشير بكلمات محدودة، تحت الكاركتير، إلى هذه الخلفية وخاصة ما يناقض الكاركتير ليفهم القارئ الفكرة، وهذه الطريقة تستخدم في أحيان كثيرة.
و قد يتدخل بعض المترجمين بالتوضيح في بعض الصور الرمزية بكلمة واحدة، وعلى الرسم نفسه ليلمح للقارئ عن الفكرة خلف الكاركتير، وإن لم تكن موجودة في الرسمة الأصلية نفسها.
التناقض في الأسماء
قد تتضمن الرسومات بعض الأسماء في الكاركتير الأصلي، إما لتوضّح مبهماً ، أو لكون الكاركتير رمزياً منذ البداية. ومن المهم بدايةً في ترجمة هذه الأسماء التركيز على ما يعرف في الثقافة المترجم إليها، ولو لم تكن هي الكلمة الحرفية. ثم بعد ذلك حاول أن تجعل أسماء الرسومات تُناقض - بصورة أو أخرى - الرسمَ أو اللفظَ.
أخيراً..تبدو عملية ترجمة الكاركتير في الحقيقة إعادة كتابة له مرة أخرى بالسياق الثقافي والاجتماعي في اللغة المترجم إليها، وفي الحقيقة كل الترجمات الجيدة كذلك، إلا أن ما يميز الكاركتير هو الاختصار والإيجاز في الرسالة اللفظية، مع إبراز عملية التناقض في كل ما يستطيعه المترجم.