- روان بدر
عندما تنقذ الترجمة الأدب

مَن منا لا يعرف حكاية علاء الدين، الشاب الفقير الذي تبدلت حياته عندما وجد مصباحا سحريا في كهف مهجور ليبدأ مغامراته في مواجهة الساحر الشرير، الذي يحاول سرقة المصباح منه، وتنتهي مغامراته بزواجه من الأميرة بدر البدور واعتلاء عرش والدها بعد وفاته.
جابت حكايةُ علاء الدين والمصباح السحري العالم، لتتحول لاحقا إلى رسوم متحركة وأفلام - ألمانية ويابانية وأمريكية وفرنسية وهندية وبنغالية وغيرها - وظهرت شخصيات أبطال هذه القصة في العديد من البرامج والمسلسلات التلفزيونية وألعاب الفيديو، بل وسُمّي فندق في لاس فيغاس تيمنا باسم بطل الحكاية عام 1966.
هذه الحكاية المشوقة، التي لا يوجد أي مصدر عربي لها، ما كانت على الأرجح لتحظى بهذه الشهرة العالمية لو أن المترجم، انطوان جالان، لم يقم بإضافتها الى كتاب ألف ليلة وليلة عندما نقله إلى الفرنسية، بعدما سمعها من "حكواتي" يدعى يوحنا دياب في حلب.
لا يمكن إنكار الدور التي قامت به وما زالت تقوم به الترجمة في خدمة الأدب، بدءا بالتأثير على الأساليب والأنواع الأدبية الموجودة في اللغة المستهدفة، كما حدث للشعر والقصة القصيرة في العالم العربي، وانتهاءً بحفظ الأعمال الأدبية وإنقاذها من الضياع، كما هو الحال مع القصائد النبطية التي لم تُدوّن إلا في كتب المستشرقين؛ إمّا لأميّه المهتمين بها من العرب، أو لتجاهل المثقفين منهم لتدوينها، بسبب النظرة الدونية التي ارتبطت بهذا النوع من الأدب.
من أشهر الكتب التي حمتها الترجمةُ من الضياع كتاب كليلة ودمنة، فقد نُقل الكتاب الأصلي، الذي يُعتقد أنه هندي، إلى الفارسية، ومنها إلى العربية في القرن الثامن الميلادي، على يد ابن المقفع، لتبقى النسخة العربية بعد ضياع النسختين الهندية والفارسية، وتنتشر منها إلى الأدب العالمي.
لذا يرى والتر بنيامين "أن الأعمال الأدبية تجد في الترجمة حياة أُخروية، لأن العمل الذي ينتج في إطار لغة معينة وفي زمن محدد، يفقد بعض سماته وأهميته الآنية بتقادم الوقت، لتأتي الترجمة فتعيده إلى الحياة في مكان آخر وبروحٍ مختلفة" *
ماذا كان ليحل بعلاء الدين لولا الترجمة؟.... لكان مجرد حكاية شعبية مندثرة بدلا من أيقونة عالمية للمغامرة.