- فاطمة عبدالله الغفيلي
١٠ حقائق مُشوِقة عن الترجمة

لا شك أن الترجمة عملية قديمة قِدم الزمن، ولها تأثيرها العظيم والمُتنوع على جميع الثقافات حول العالم، ولها مكانة مُلحة في نقل الأعمال الفكرية والأدبية وغيرها. يُقال أن الترجمة فنٌ مستقلٌ بذاته، ذلك أنه يعتمد على الإبداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات، وهو يُمّكن البشرية جمعاء من تشارك الثقافات والتواصل، وأن يستفيد بعضهم من خبرات بعض، وبالتحديد في عصرنا الحالي - عصر العولمة. فلا نجد مؤتمرًا سياسيًا أو علميًا أو اقتصاديًا أو غير ذلك، يخلو من مترجمين من شتى مجالات الترجمة، سواء Hكانت تحريرية أو شفوية. ويُعدّ وجودهم من مقومات تلك المؤتمرات وركائزها، وبالتأكيد يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة، بل عظيمة ومؤثرة في رِفعة الأمم العربية والعالمية.
في قديم الزمان، تُرجمت أجزاءٌ من ملحمة جلجامش. وهي من بين أقدم الأعمال الأدبية المعروفة، إلى عدة لغات آسيوية منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، وهذه من أحد الأمثلة البسيطة التي تُوضح مدى تأثير الترجمة ومكانتها التاريخية العريقة.
(ملحمة جلجامش هي ملحمة سومرية شعرية مكتوبة بخط مسماري على (١٢) لوحًا طينيًا اكتُشفت أول مرة عام ١٨٥٣ ميلادي، في موقع أثري، وقد اكتشف مصادفة.)
قد يَخفى على بعض المُهتمين بالترجمة هذه المعلومات أو الحقائق البسيطة والتي قد تزيد من ثقافة المُترجم ومعرفته عموما عن المجال الذي هو جزء منه. وقد تكون هذه الحقائق مكررة، وسبق طرحها على أسماع الكثير من المُترجمين من قبل!
١- من أشهر المُترجمين العرب الأستاذ منير بعلبكي والملقب بــ "شيخ المترجمين المعاصرين". ففي عام ١٩٦٧ ميلادي ألّف واحدًا من أهم القواميس ثنائية اللغة، وأكثر قاموس يستخدمه المترجمون في العالم العربي "قاموس المورد"، بالإضافة لترجمته أهم الأعمال الكلاسيكية الخالدة، مثل أعمال تشارلز ديكنز، وشارلوت برونتي، وأيميلي برونتي، وفيكتور هيوجو.
٢- يُعد الكتاب المُقدس (الإنجيل) من أكثر الكتب ترجمةً، فقد تُرجم حول العالم من العبرية واليونانية والآرامية إلى ٥٠٠ لغة أخرى تقريبًا. ويحتل المركز الثاني كتاب "الأمير الصغير" للكاتب الفرنسي أنطوان دي سانت أكسوبيري إذْ تُرجم إلى ٣٠٠ لغة تقريبًا.
٣- في كل سنة، يُحتفل بيوم الترجمة العالمي في الثلاثين من شهر سبتمبر. وقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم العالمي منذ عام ١٩٥٣ ميلادي. ولكن الاحتفال الدولي، بصفته يوم مُعترف به رسميًا، كان في عام ١٩٩١ ميلادي.
٤- أشارت إحصائيات أقامتها اليونسكو في قاعدة البيانات الخاصةِ بهم، أن أكثر ثلاثة كُتَّاب أو ناشرين تُرجمت كُتبهِم إلى لغات متعددة منذ سنة نشرها وحتى يومنا هذا، هم:
أولًا: الكاتبة الإنجليزية آغاثا كريستي؛ فقد تُرجمت أعمالها بمجموع (٧٢٣٣) ترجمة تقريبًا.
ثانيًا: الروائي الفرنسي جول غابرييل فيرن بمجموع (٤٧٥١) ترجمة.
ثالثًا: بالتأكيد أعمال الشاعر والكاتب المسرحي ويليام شيكسبير بمجموع (٤٢٩٣) ترجمة.
٥- من أكثر اللغات طلبًا واستهدافًا لعملية الترجمة: اللغة الفرنسية، والإسبانية، والإنجليزية، والألمانية، واليابانية.
٦- يوجد (٣٣٠,٠٠٠) مترجمٍ حول العالم.
٧- كان للكاتب الكولمبي الشهير غابريل غارسيا ماركيز مُترجمٌ إنجليزيٌ محترفٌ، ترجم أحد أشهر أعماله وهي رواية "مئة عام من العزلة"، حتى نالت الترجمة الإنجليزية إعجاب ماركيز أكثر من لغتِها الأم!
٨- كان الراتب الشهري للمُترجم في العصر العباسي وفي عهد الخليفة المأمون عبدالله بن هارون الرشيد (٥٠٠) دينار ذهب، أي ما يعادل (٢٤ ألف) دولار شهريًا. وكان يُعطي من يأتي بكتاب مترجم لمكتبة بيت الحكمة ضعف وزنهِ ذهبا!
٩- وفقًا لبعض المُترجمين المُحترفين، تُعد اللغة الإسبانية من أسهل اللغات ترجمةً.
١٠- من أكثر الكتب ترجمةً في عصرنا الحديث، سلسلة روايات هاري بوتر للكاتبة البريطانية ج. ك. رولنغ.
يقول الجاحظ في قيمة الترجمة:
"ولا بد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتى يكون فيهما سواء وغاية، ومتى وجدناه أيضا قد تكلم بلسانين، علمنا أنه قد أدخل الضيم عليهما، لأن كل واحدة من اللغتين تجذب الأخرى وتأخذ منها، وتعترض عليها، وكيف يكون تمكن اللسان منهما مجتمعين فيه، كتمكنه إذا انفرد بالواحدة، وإنما له قوة واحدة، فإن تكلم بلغة واحدة استفرغت تلك القوة عليهما، وكذلك إن تكلم بأكثر من لغتين، وعلى حساب ذلك تكون الترجمة لجميع اللغات، وكلما كان الباب من العلم أعسر وأضيق، والعلماء به أقل، كان أشد على المترجم، وأجدر أن يخطئ فيه، ولن تجد البتة مترجما يفي بواحد من هؤلاء العلماء."