top of page
  • عبدالعزيز محمد الذكير

وقديمًا ترجموا 4: حول تصحيح المعاني



مع فيض العلم والتقنية في عالمنا المعاصر، لم أجد أننا تحركنا لرصد عالم المستجدات اللغوية، وازدحام مناهل التعاطي مع اللغات. وربما أننا اكتفينا بالقول الدارج "الشعر ديوان العرب"، فلم نُعِر غير ذاك القول اهتماما، وجعلنا اهتمامنا أكثر بالدواوين والألبومات.

أرى أن علينا، ونحن عرب، أن نبذل جهدًا ثقافيًّا وتقنيًا لمنع دخول كلمة عربي في دوائر المعارف ومعاجم الشرح والتعريف تحت باب "إرهابي".

وواضح أن صناعة المعاجم في العالم أجمع لا رقيب ولا حسيب عليها، بل لتقل ولا حتى ضمير، فتمنح البريق هذا وتمنعه ذاك.

منذ ظهور الصحافة بصيَغِها ومعانيها المعاصرة مع بدايات القرن السابع عشر، لم يظهر فيها التطور كالذي نشاهده الآن في عصر الإنترنت، ففي عالم تنافسي، لا يسمح بالتأخر، تَستخدم مواقعُ النشر الرقمية مجموعةً من الأدوات المتطورة للبقاء في الساحة، إذ إن منها ما يعتمد على تطبيقات العمل المعجمي والتعاقد مع شركات توزيع إلكتروني تجعل الباحث وفيًّا للتطبيق في معرفة سرعة تجذير المفردة، لا سيما مع تقنية الشاشة.

قرأتُ تعريفًا في أحد معاجم التجذير (بحث وسبر أصل المفردة) وجداول المترادف من المعاني، نشرتها دوائر نشر غربية تُعرّف كلمة "عربي" أنهُ "جنس عرقي يسكن الصحراء".

وتعتمد الصحافة الغربية على طريقة النسق، أو الأسلوب (style) وتقول لمحرريها وضابطي إيقاع الإخراج والشرح: إننا هنا في الصحيفة، ورقيةٍ كانت أو إلكترونية، نعتمد قاموس كذا، ويحددون اسم القاموس، وعلى جهاز الصف والتحرير والشرح وكُتّاب الأعمدة أن يلتزموا بما يقوله ذلك القاموس. والخطر من أن تُعتمد ألفاظ مغلوطة عن العرب، وما على الصحيفة إلا الالتزام بما جاء في القاموس، وإلا استحق المسؤول الإنذار وربما الخصم لخروجة عن (الستايل)

وأخشى أن يظهر اسمنا في معاجم وتعاريف تسوّقها دوائر تكرهنا، وتصرف عليها "لوبيات" معروفة بحقدها على كل ما هو عربي، فيظهر اسمنا مُقترنًا بـ (Terrorist) أي: إرهابي.

وفي الصحافة الغربية ما إن يَكتب أحدُهم مقالًا لا ترضى عنه الدوائر والكتل الصهيونية، إلا وتنهال على الصحيفةِ رسائلُ تعصّبٍ وكرهٍ تتهم الجريدة ومالكها ومحرريها وموزعيها بأنهم فئة معادية للسامية (Anti-Semitism)، والمعنى الحرفي لهذه العبارة هو أن الشخص ضد العنصر السامي، وهم من تسلسلوا من ذرية سام بن نوح. وبهذا، فالكلمة لا تقتصر على اليهود وحدهم، لكن الشارع الغربي أخذها على أنها معاداة لليهود. وقد تعارف المستشرقون على أن السامية تدل على الأقوام التي سكنت الجزيرة العربية وهاجرت منها، وضمن هذا التعريف يقع العرب. وعرّف بعض الباحثين كلمة الإرهاب أنها استخدام العنف مع غير المحاربين.

دعوني أقول إن الجهد المبذول لتصحيح المعاني، الذي تبذله بعضُ مؤسساتنا العلمية لم يعد كافيًا لمواجهة سيل الاجتهادات من حسنيّ النية أو مواجهة العمل المقصود للإساءة إلى كل ما هو عربي، من سيئي النية.



٩٧ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page