- رناد الجديد
ومن الترجمةِ ما قَـتل 2

لحسن الحظ أن الخطأ الذي ارتكبته في "ومن الترجمة ماقتل 1" كان زلة أيقظتني وخطأ علمني، وما زالت العلاقات الألمانية-الأردنية طيبة. لكن ماذا عن أخطاء لا تواريها الأوراق؟ ولا تنساها الأيام؟
خطأٌ تواريه قنبلة!
جزم العديد من المؤرخين ومنظري الترجمة ومن بينهم بيترنيومارك أن الخطأ في ترجمة كلمة "موكوساتسو" التي رد بها اليابانيون على طلب الاستسلام في مؤتمر "بوتسدام" أثناء الحرب العالمية الثانية، كان سببًا رئيسًا للهجوم المدمر الذي ردت به أمريكا، ففي حين قصدوا بها "تأجيل التعليق"، نقله المترجمون للرئيس الأمريكي هاري ترومان أن الكلمة تعني "التجاهل".
ويتساءل محللون عما كان ليحدث "لو أن المترجم نقل بصورة أدق وأصح أن اليابان لم تكن تهدف إلى تجاهل الحلفاء وإغلاق الباب أمام التفاوض أو ازدراء أمريكا كما بالغت بعض الصحف، بل إبقاء باب الحوار والنقاش مفتوحًا في المستقبل"!
حرب باردة بين أمريكا وروسيا .. والمجاز هو السبب
لربما يسمع الكثير بالحرب الباردة بين أمريكا وروسيا عام 1956 وما صاحبها من توتر شديد في العلاقات، ولكن من كان ليتوقع أن مشعل الحرب هو المترجم حين نقل عبارة قالها الرئيس الروسي نيكيا خروتشوف أمام الأمريكان إلى"سوف ندفنكم" بالإنجليزية: "we will bury you".
استخدام خروتشوف للعبارة الأصلية كان مجازيا، لكن المترجم نقله حرفيا، وبوضع جملة خروتشوف في سياقها الصحيح وترجمة المعنى وليس الحرف فسوف يتضح أنه كان يقول "سوف يدفن نظامنا الشيوعي نظامكم الرأسمالي". ثم أوضح لاحقاً أنه كان يستخدم عبارة من كتابات المفكر كارل ماركس، حول حتميّة حلول الشيوعية، وأن الرأسمالية تحمل في داخلها بذور فنائها، وأن العمال هم من سيدفنون الرأسمالية في الدول الغربية.
تعبير رئيس الوزراء الروسي ليس وديًا بالطبع حتى بوضعه في سياقه، لكن الأمر كان أهون كثيراً من التعبير المباشر "سوف ندفنكم" الذي سبب هذا الجفاء السياسي بين البلدين.
ضحية المترجمين: كارتر
عدّ بعضهم الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر واحدًا من أهم ضحايا المترجمين في عدة دول وبعدة لغات. أولها في زيارة له إلى بولندا عام 1977، حيث قال في الحقيقة "أنا مهتم بمعرفة رغبات الشعب البولندي" ولكن المترجم نقلها بقوله: "أنا مهتم بمعرفة شهوات الشعب البولندي"، الأمر الذي لم يكن مستلطفًا ولا مقبولا للمستمعين، والذي أدى إلى إيحاء من نوع آخر!
كارتر وإلقاء النكات
كان جيمي كارتر متحدثا حذقا يعرف كيف يجذب انتباه الجمهور ببعض الطرائف أو النكات ذات الصلة. ولكن خطاباته المرحة غالبًا ما تُواجَه بالصمت المطبق مع الناطقين بغير اللغة الإنجليزية، بعكس ما اعتاده من ضحكات جمهوره الأمريكي، إلى أن نجح مترجم واحد في ذلك، وكان هذا في افتتاح كلية يابانية. فقد روى كارتر، في مطلع خطابه، قصة طريفة وتفاجأ أن الحاضرين ضحكوا أخيرًا على غير العادة وسرّه ذلك. وحين سئل المترجم الياباني لاحقا عن ترجمته للطرفة، تبين أنه لم يترجمها بل قال للحاضرين: "الرئيس كارتر يخبركم قصة طريفة، أرجو أن تضحكوا جميعا"، وتبنى هذا المهرب كثير من المترجمين لاحقًا! والجيد هنا أن من الترجمة ما أضحك!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصـــــــــــــــــــادر
https://raseef22.com/culture/2017/06/14/الترجمات-الخاطئة-قد-تكون-قاتلة-أمثلة/
http://www.nytimes.com/2012/10/21/books/review/the-challenges-of-translating-humor.html
http://www.alraimedia.com/Home/Details?Id=839d3e60-504e-4fc6-a755-60b1e283d501