- بقلم: ميساء ناجي
لم لا نُترجم الأدب العربي؟

لقد أصبح الاهتمام بقراءة روايات الأدب العالمي المترجمة من سمات القارئ المثقف، فضلا عن قراءتها بلغتها الأصل. فمن منا لم يقرأ روائع الأدب الإنجليزي المترجمة لشكسبير، وتشارلز ديكنز! وماذا عن إبداعات ماركيز، وهيجو، وإيزابيل اللندي، وساراماغو التي تنبض بالجمال!
كل هذا الإبداع الأدبي نقله لنا مترجمون عظماء، من أمثال سامي البارودي وصالح علماني، وغيرهم كثير.
ولكن أين نحن! أين ذهب إرثنا الأدبي. لم لا نترجم كنوزنا الأدبية؟ ولم نناقش الترجمة الأدبية وكأنها غالبًا باتجاه واحد، وهو الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية؟ لم لا نرى ترجمات لإبداعاتنا الأدبية من اللغة العربية إلى اللغات المختلفة؟ ولم لا يطّلع الغرب على أعمال أدبائنا قديمًا مثل مؤلفات الجاحظ، وحديثًا مثل كتابات مصطفى صادق الرافعي؟
هل تقع المسؤولية على عاتقنا، نحن المترجمين، فقط! أم أن واقع الترجمة المرير وما يعانيه المترجمون من بخس حقوقهم ماديًا وأدبيًا سبب لذلك. أم هو الولع، والإعجاب بالغرب بسبب تفوقه علينا، أم هي بعض دور النشر التجارية التي تبحث عن الكسب السريع، ونشر الكتب الأعلى مبيعًا ولو كانت كتبًا لا ترقى للمستوى المأمول؟
يقول إدوارد سعيد أن "الأدب العربي لا يزال مجهولًا إلى حد ما، ولا يقرأه الغرب".
لا أنكر أن الترجمة الأدبية من أصعب أنواع الترجمة، خاصة أنها تحتاج إلى الأسلوبية، ونقل المشاعر، والإلمام بثقافة النص الأصلي بهدف إعادة خلق للنص المصدر في اللغة الهدف بخصائص جديدة تناسب البيئة الجديدة.
ورغم ذلك ساهم بعض الكتاب العرب ممن استطاعوا الكتابة باللغات الأجنبية في نقل الثقافة العربية إلى الغرب، فأبدع جبران خليل جبران قبل قرن في الكتابة باللغة الإنجليزية مثلما برع في الكتابة بلغته الأم أيضًا، كما أجاد طه حسين في الكتابة باللغة الفرنسية، وما زال الفرنسيون يتغنون بكتاباته. وترجم ميخائيل نعيمه بعضًا من أعماله. وحديثًا ترجمت الأديبة العراقية دنيا ميخائيل بعضًا من أعمالها.
قد نواسي أنفسنا أحيانًا بصعوبة اللغة العربية، واختلاف الموروث الثقافي، والحياة الاجتماعية عندنا نحن العرب التي لم يطلع عليها الغرب، وكلها عوامل مهمة عند ترجمة نص أدبي تحديدًا، ولكن هذا ليس عذرًا في نظري. ألم يطّلع الغرب على ثقافتنا حتى الآن، سيما وأننا في عصر العولمة التي أصبح العالم فيها قرية صغيرة!
تشير بعض المصادر إلى أن ترجمة بعض النصوص العربية المعاصرة بدأت في الخمسينيات، إذ يراها البعض امتدادًا لأعمال الاستشراق، ثم توقفت في الستينيات، والسبعينيات، ثم نهضت نهوضًا ملحوظًا في الثمانينيات والتسعينيات.
ومن الجدير بالذكر أن حصول الكاتب العالمي نجيب محفوظ على جائزة نوبل للأدب عام 1988 التي حازها بسبب الترجمة ساهمت في جذب انتباه الغرب نحونا. وهناك محاولات استثنائية قديمة وجديدة لترجمة مؤلفات طه حسين ونجيب محفوظ وغيرهم، إلا أنها نادرة. كما قامت محاولات جديدة في عصرنا الحاضر لترجمة الأدب، ولكنها محاولات فردية قليلة جدًا.
وما زلتُ في حيرة من أمري، تُرى ما السبب الذي جعل كبار الأدباء ممن حظوا بالدراسة خارج بلدانهم وأتقنوا لغة تلك البلاد لم يفكروا في ترجمة أدبهم العربي الأصيل إلى اللغات الأجنبية؟
ومازال السؤال قائمًا، لمَ لا تقوم مبادرات على المستوى الرسمي لدعم الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى؟!